حذر اختصاصيون من خطورة تلاشي ثقافة "قصص ما قبل النوم" على الأطفال بالسعودية، مشيرين إلى أنها تعتبر من أنجع الوسائل التربوية، لاسيما أن الوقت الذي يتهيأ فيه الطفل للنوم، إذ يكون عقله فيه مهيأ لاستقبال الحوار والتوجيهات والإشارات الإيجابية، جاء ذلك تعليقا على استبيان أجراه مركـز "معاً لدعم ذوى الاحتياجات الخاصة" والذي خلص إلى أن (72%) من الأمهات السعوديات "نادرا" ما يقصصن الحكايات على أطفالهم قبل النوم.
الاستبيان الذي ضم 400 عينة من ربات الأسر الشابات (ممن يتراوح أعمار أطفالهن بين 4-6 سنوات) كشف أن ما نسبته 72% من الأمهات لا يكدن يسردن القصص على أطفالهن إلا نادرا، فيما ذكر 24% من المشاركات أنهن أحيانا يقمن بذلك وحسب ظروف الوقت، وقال ما نسبته 4% من الأمهات إنهن يقمن بسرد القصص بانتظام، كما بين الاستبيان أن 90% من الأمهات لا يستخدمن الكتاب عند سرد اقصص، وإنما يسردن بالطريقة الشفهية التقليدية.
نعيم أحمد مهدي، مدير "مركـز معاً لدعم ذوى الاحتياجات الخاصة" أوضح أن "قصص ما قبل النوم" مثلت حتى وقت قريب عالماً سحرياً للملايين من الأطفال الذين لم تكتمل طفولتهم إلا بها، حيث تضمنت قصصها الخيالات المليئة بالمغامرات، ورغبة الأطفال في الاستطلاع ومعرفة ما يحيط بهم من عوالم، مشيرا في حديثه للعربية.نت إلى أن هذه الثقافة باتت الآن تعاني من الاندثار والتلاشي، وهي ظاهرة مقلقة تحتم على أولياء الأمور وخاصة الأمهات التنبه لهذا الأمر .
وأكد مهدي باحث دكتوراة، أن قصص ما قبل النوم، تعتبر من الوسائل التربوية الناجعة في تغيير وتحسين سلوك وأخلاقيات الأطفال، حيث يعتبر الوقت الذي يتهيأ فيه الأطفال للنوم، من أفضل الأوقات للاستجابة السريعة، إذ يكون حينها العقل مهيأ لاستقبال الحوار والنقاش الهادئ، وكذلك هو وقت مناسب لاستيعاب النصائح والتوجيهات وكل الإشارات الإيجابية، وذلك عن طريق الإلقاء القصصي والذي أثبت نجاحه في توجيه الطفل.
من جهته أوضح محمد عبده، اختصاصي التربية الخاصة أن أسبابا موضوعية كثيرة كانت خلف تلاشي ثقافة حكايات ما قبل النوم، من أبرزها الخيارات المغرية من فضائيات وألعاب فيديو وغيرها، مما جعل الطفل يفضلها على سماع حكاية قد لا يتلقاها بانتظام، مشيرا في حديثه لـ العربية.نت، إن هذا يجعل الأسرة ملزمة بأن تقدم القصص بطريقة تتماشي مع الواقع المعاصر، خصوصا الأم، حيث يقع عليها جهد مضاعف، لاسيما أن ثقافة سرد القصص هي ثقافة نسائية بامتياز.
وأكد عبده على أهمية تطعيم عالم الأطفال من عمر 2-8 سنوات بالحكايات مع تغليفها بديكور واقعي لتكون أقرب لحياتهم ولتزيد من تأثيرها عليهم، فضلا عن استخدام الوسائل التأثيرية المختلفة وعدم الاعتماد على السرد الشفهي فقط، مؤكدا أن هناك حاجة ماسة، لبناء مشروع ثقافي يساعد الأمهات على إعادة إنتاج الحكاية بشكل يناسب الاتجاهات الحديثة، لاسيما أن الحكاية تعطي للطفل طعما للحياة وتفتح أمام مخيلته آفاقا قد يعجز بمفرده ارتيادها.
