كان الطب في الجاهلية طبًا بدائيًا اقتصر على التجارب والتعاويذ المتوارثة بين الأفراد. وقد اقتصر معظمه على الكي بالنار واستئصال الأطراف الفاسدة والتداوي بالعسل ومنقوع بعض الأعشاب النباتية، واللجوء إلى بعض التعاويذ والتمائم على يد الكهان والعرافين.[8] بعد الفتوحات الإسلامية في الشرق، اهتم العرب بأعمال الأطباء الإغريق والرومان القدماء أمثال أبقراط وجالينوس وديسقوريدوس[9] التي كان السريان قد نقلوها إلى لغتهم في مدرسة جنديسابور التي فروا إليها هربًا من اضطهاد الأباطرة البيزنطيين للمذهب النسطوري الذي اعتنقوه.[10][11][12][13] ومع بداية العصر العباسي، تطور الأمر بعدما بدأ العرب في نقل العلوم الطبية من مصادرها اليونانية مباشرة، بعدما عرفوا ما في الترجمات السريانية من ضعف،[10] على أيدي بعض الأطباء الذين حذقوا اليونانية كآل بختيشوع[14] وحنين بن إسحاق.[15] ومع الوقت، انتشرت ممارسة مهنة الطب حتى أنه بلغ عدد الأطباء في بغداد وحدها في زمن الخليفة العباسي المقتدر بالله أكثر من 860 طبيب،[14] بل ظهرت المصنفات التي تصنف الأطباء بحسب الفترة الزمنية التي عاشوا فيها أو بحسب المناطق التي استوطنوها، ولعل أهمها كتابي "طبقات الأطباء والحكماء" لابن جلجل و"عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة.